نعى مركز القطان في غزة الشهيدة إيمان المزين، من خلال صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، فكتب:
بقلوب يعتصرها الألم، ننعى زميلتنا الحبيبة إيمان إبراهيم المزين (أم الوليد)، التي غادرت عالمنا صباح اليوم في خان يونس، بعد تدهور حالتها الصحية، وعدم توفر الخدمات والرعاية الطبية في ظل حرب الإبادة التي يتعرض لها أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع #غزة.
ففي الوقت الذي تشتد المذابح في القطاع، مسفرةً عن عشرات الآلاف من الش/ـهداء والمصابين، تتضاعف الخسارات في ظل غياب الرعاية الصحية وخدمات التشخيص والعلاج لآلاف آخرين من أمراض تفتك بهم بصمت.
أم الوليد، كما أحبت أن نناديها دائماً ذِكراً لوحيدها وليد الذي فقدته في العام 2019، عملت معنا في مكتبة المركز منذ العام 2007 بكل حبٍ وتفانٍ، ناشرة طاقتها الإيجابية أينما حلَّت.
سنفتقدك يا أم الوليد ونفتقد ابتسامتك وعطاءك.
كل العزاء والمواساة لزوج الفقيدة أ. عمر شاهين، وعائلتها، وأحبائها، وللزميلات والزملاء كافة بهذا الفقد.
وكتبت صديقتها لانا مطر على حسابها الشخصي على موقع فيسبوك ترثي الشهيدة إيمان المزين:
لا أحد سيخبرك أن إيمان (أم الوليد) كانت شخصية فذّة، لها أثر، وتترك في القلب علامة..
أم الوليد كرّست حياتها لولدها الوحيد وليد، الذي وُلِد بشلل دماغي لازمه طوال سنين حياته حتى توفي في العام 2019.
بالرغم من هذا الفقد الكبير الذي عاشته إيمان بكلّ أسى، إلا انها لم تستسلم لواقعها الصعب، كالعنقاء نفضت حزنها وواصلت المسير وإخلاصها لفكرتها وإيمانها بها.
لا أحد سيخبرك عن إخلاصها في عملها وشغفها في طلب العلم، والبحث في كلّ الدروب، حتى أنها أصدرت كتاباً بعنوان: "القوى الخفية لدماغ طفلك" عن قوة العقل وطرق التعامل مع أطفال الشلل الدماغي من واقع تجربتها الخالصة مع ولدها وليد.
لكلِّ من عرف إيمان أو عمل معها، حتماً هناك ذكرى ما معها..
روحها المرحة، المُحِبّة للحياة، تهتم لأمورها وتعتني بنفسها بِحُب، ولا تتدخل في شؤون أحد… تقدِّرُ ذاتَها وتحترمها..
وصَفَها أحدُ الأصدقاء بأنها "المساحة الآمنة" التي لا يمكن أن تجدها عند أحد.
مثقفة، كاتبة للنثر، مُدوِّنة، مُتكلِّمة، وبنت بلد، تعرف في كل شيء، صديقة جديرة بالثقة، وموسوعة غنية بالأمثال الشعبية، تضرب كلّ مثل في محلّه على الوجع، ولديها رؤية خاصة في الأشياء.
لا أحد سيخبرك عن حبها للموسيقى، عن رنة تلفونها "عايزة أتطمِّن عليك، وألقى روحي بين إيديك وأفضل أجري أجري بيك" بصوت وائل جسار،تلك الكلمات التي تُهديها كل يوم لـِ "وليد". هل اطمأنت الآن يا إيمان؟
عن طموحها وتطلُّعها دائماً نحو أن تكون النسخة الأفضل من ذاتها.
قارئة، باحثة، حازت على جوائز عدة منها: "جائزة الابتكار والإبداع" للمخترِعات العربيات على مستوى الشرق الاوسط، وجائزة الشارقة للأدب المكتبي، درست علوم المكتبات ولها باع طويل في هذا المجال. إيمان أيضا طباّخة ماهرة وكريمة.
إذا أحبّت شخصاً أكرمته و"يا ويل ويله الذي يعاديها"!
ماذا أقول فيكِ يا إيمان؟ رحلتِ مبكراً واستعجلتِ الرحيل، وكأنَّ الروح تشتاق للروح..
توّفاها الله في خانيونس، المدينة التي دُفِنَ فيها وليد الذي كانت تحرص على زيارة قبره كلَّ يوم خميس.
أتساءل وكُلّي وجع عن تلك القلادة الذهبية التي طَبَعتِ عليها صورة وليد وتُزيّنين بها عنقك؟
تُوُّفيتْ إيمان في ظروف النزوح القاسية، ربما لم تحتملْ حرَّ الخيمة، وهي التي كانت تشعل المروحة في عز برد الأربعينية…
تدهورت صحتها بشكل مفاجيء ومتسارع، حتى أنها لم تجد علاجاً يسهم في التخفيف عنها.
أم الوليد عاشقة لبحر غزة، تعتبره الأجمل والأبهى على الإطلاق وفيه يكمن الحل لكل عثرة، به تتجدد الروح وله ترتاح النفس.
جرِّبْ أن تبوح لها عن ضجرك، ستجد لك الحل مباشرةً، قائلة: "اذهب للبحر!" في إشارةٍ لها عن ظلم واستبداد البشر فما عليك إلا أن ترمي كل ذلك العناء في البحر.
عند إيمان تجد الحل، فإذا كنتَ تبحث عن شيء، إيمان ستجده لك، وإذا تعسّر عليك أمر فعند إيمان الحل، إذا تاهت منك فكرة إيمان دائما "تجيب التايهة"، كل شيء حلو عند إيمان على يمينها في "دُرجها"…
رحلت إيمان -و بِرحيلها أدارت ظهرها لهذا العالم الظالم- وبقي أثرها وذكراها وارتاحت روحها التعبة، أما نحن في مجلس عزاء كبير ومفتوح ومستمر، وهذا الجرح الذي لا يندمل..