المدينة الظهران

العائلة شعث

تاريخ الرسالة 14 أبريل 1955

تاريخ النشر 20 مايو 2023

message

الظهران في 14/4/55
مدينة الأرامكو
أيتها الغالية سميحة 
أشواقي الحارة وقبلاتي إليكم جميعا. إنني أتوجه إليكم الآن بفكري وقلبي وعواطفي راجيا من الله تعالى أن يحفظكم ويجعل أيامكم كلها سرور وتوفيق ....
...........................................................
جائني صباح الخميس ونحن مازلنا في "مضافتنا" محمد ملحم مدير العلاقات الاقتصادية في الأرامكو... شاب نحيف طويل لم أعرفه أول الأمر ولكنني ذكرته في الحال عندما ذكر اسمه... إنه هو بعينيه لم يتغير... الولد النحيف الضئيل الجسم الذي كان يأتي ماشيا 1939 من حلحول إلى المدرسة بالرغم من زمهرير البرد وحر الصيف في لباس يكاد لا يُدعى لباسا... وحُمتُ عندما رأيته وما أظنني أسعد مما كنت فيه وقتذاك ... لقد أينع غرسي وأتى أُكُلَه عملي...

جلسنا وكان شومان معنا توجه ملحم إليه وقال ... لقد كان الأستاذ علي المسئول الأول عن نجاحي في هذه الحياة ... وعن الدرجة العالية التي نلتها والحياة الهنيئة التي أنعم بها ... لقد أشفق عليا فألبسني ورفاقي من حلحول ودبر لنا باصاً ينقلنا كل يوم جيئتا وذهابا ... كما افتتح لنا مطعما مجانيا خاصا فنتناول فيه وجبة الغذاء ... وزاد فحارب من أجلي حربا لا هوادة فيها حتى تمكن من إدخالي الكلية العربية إذ كنت وقتذاك الثالث في صفي والكلية العربية لم تأخذ وقتذاك غير الأول والثاني ... إلا أن أستاذي عليّ صاح فيهم وقال بالرغم من أن ملحم هو الثالث إلا أنني أرى فيه طالبا ذا مستقبل باهر... لقد سافر إلى القدس عدة مرات من أجلي حتى نجح وقُبِلتُ بعد افتتاح الكلية العربية بشهر واحد... فأليتُ على نفسي أن أكون عند حسن ظنه فنجحت نجاحا باهرا أهلني إلى بعثة في إنكلترا نلت فيها بكالوريوس المحاماة وماجستير المحاماة وشهادة Barrister at law التي تخولني حق المرافعة في بريطانيا وأنا الآن مدير دائرة العلاقات الاقتصادية في الأرامكو منذ أربعة سنوات ... وأنال مرتبا قدره (240 جنيها مصريا) ... لن أنسى فضلك يا أستاذي ما حييت أنا سعيد جدا ... لقد قضيت الليلة الماضية وأنا أقص قصص فضلك عليّ وعلى جميع رفاقي على زوجتي وأصدقائي...

كان يقول هذا الكلام بحماس وعاطفة ... وشومان يبتسم مندهشا ... أما أنا فقد كنت في حلم لذيذ ... كنت سعيدا السعادة كلها ... كنت في عالم روحاني غير هذا الذي نعيش فيه ... اللهم لك الشكر فأنا إذاً إنسان مفيد... قام بواجبه نحو مواطنيه.. لك الحمد يا رب فقد طابت نفسي ... وانشرح صدري وعاد إيماني بالحق وبالعمل الصالح المنتج... يا له من شاب... أليس فيما ترى يا علي خير مكافأة لك ... أليس من أحيا نفسا كأنما أحيا الناس جميعا...


شارك